responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 209
نَفْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، وَيَسْأَلُوا عَنْ عَمَلِهِ مَا هُوَ بَعْدَ أَنْ نَفَى عَنْهُ مَا نَفَى، فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الرِّسَالَةَ مُنْحَصِرَةٌ فِي النِّذَارَةِ عَلَى الْمَفَاسِدِ وَعَوَاقِبِهَا وَالْبِشَارَةِ بِعَوَاقِبِ الِانْتِهَاءِ عَنْهَا وَاكْتِسَابِ الْخَيْرَاتِ.
وَإِنَّمَا قَدَّمَ وَصْفَ النَّذِيرِ عَلَى وَصْفِ الْبَشِيرِ، هُنَا: لِأَنَّ الْمَقَامَ خِطَابُ الْمُكَذِّبِينَ الْمُشْرِكِينَ، فَالنِّذَارَةُ أَعْلَقُ بِهِمْ مِنَ الْبِشَارَةِ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى النَّذِيرِ الْبَشِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [119] .
وَقَوْلُهُ: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يَتَنَازَعُ تَعَلُّقَهُ كُلٌّ مِنْ نَذِيرٌ وبَشِيرٌ: لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْأَمْرَيْنِ يَخْتَصُّ بِالَّذِينَ تَهَيَّئُوا إِلَى الْإِيمَانِ بِأَنْ يَتَأَمَّلُوا فِي الْآيَاتِ وَيُنْهُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَيَقُولُوا الْحَقَّ عَلَى آبَائِهِمْ، دُونَ الَّذِينَ جَعَلُوا دَيْدَنَهُمُ التَّكْذِيبَ وَالْإِعْرَاضَ وَالْمُكَابَرَةَ، فَالْمُضَارِعُ مُرَادٌ بِهِ الْحَالُ وَالِاسْتِقْبَالُ كَمَا هُوَ شَأْنُهُ، لِيَشْمَلَ مَنْ تَهَيَّأَ لِلْإِيمَانِ حَالًا وَمَآلًا، وَأَمَّا شُمُولُهُ لِمَنْ آمَنُوا فِيمَا مَضَى فَهُوَ بِدَلَالَةِ فَحْوَى الْخِطَابِ إِذْ هُمْ أَوْلَى، وَهَذَا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى:
إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها [النازعات: 45] .
وَفِي نَظْمِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ مِنَ التَّنَازُعِ، وَإِيلَاءِ وصف (البشير) ب (قوم
يُؤْمِنُونَ) ، إِيهَامٌ أَنَّ الْبِشَارَةَ خَاصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ مُتَعَلِّقَ النِّذَارَةِ الْمَتْرُوكَ ذِكْرُهُ فِي النَّظْمِ هُوَ لِأَضْدَادِ الْمُؤْمِنِينَ، أَيِ الْمُشْرِكِينَ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَقْصُودٌ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: لِتُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ [الْأَحْقَاف: 12] .
وَهَذِهِ الْمَعَانِي الْمُسْتَتْبَعَاتُ مَقْصُودَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَهِيَ مِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ لِأَنَّ فِيهَا اسْتِفَادَةَ مَعَانٍ وَافِرَةٍ مِنْ أَلْفَاظ وجيزة.
[189، 190]

[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : الْآيَات 189 إِلَى 190]
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست